"أربكينا" الإسبانية.. مشروع يعزز الأمن الغذائي ويواكب التغير المناخي في سوريا

"أربكينا" الإسبانية.. مشروع يعزز الأمن الغذائي ويواكب التغير المناخي في سوريا
استخدام التقنيات الحديثة في استخراج المياه والزراعة

أطلقت مؤسسة الزراعة في مدينة الدرباسية السورية مشروعاً تجريبياً رائداً لزراعة صنف "أربكينا" الإسباني من أشجار الزيتون، في خطوة نوعية تهدف إلى تحديث أساليب الزراعة ومواجهة التحديات البيئية في شمال وشرق سوريا، وسط تفاؤل واسع بإمكانية تعميم التجربة في الإقليم.

ويأتي المشروع في إطار خطة استراتيجية تعتمد على الزراعة الحديثة وتعزيز الأمن الغذائي عبر إدخال أصناف زراعية مقاومة للجفاف وذات إنتاجية عالية، في ظل تراجع معدلات الأمطار وتفاقم أزمة المياه وفق وكالة هاوار للأنباء (ANHA).

"أربكينا" تدعم الزراعة المستدامة

شجرة "أربكينا" (Arbequina) تنتمي إلى أصناف الزيتون الإسبانية الحديثة، وتتميز بسرعة نموها، وإنتاجها المبكر خلال سنتين إلى ثلاث سنوات من الزراعة، بالإضافة إلى قدرتها على تحمل درجات الحرارة المرتفعة والجفاف، ما يجعلها مناسبة تماماً للمناخ شبه الجاف الذي يطبع مناطق شمال سوريا.

وأكد إبراهيم محمد، الرئيس المشترك لمؤسسة الزراعة في الدرباسية، أن "نسبة نجاح زراعة الشجرة تجاوزت 97%، وهو ما يعكس تكيفها الممتاز مع التربة والمناخ المحلي"، مضيفاً أن "هذا النجاح يفتح الباب أمام توسيع المشروع إلى مناطق أخرى مثل عامودا وتربه سبيه والرقة".

من أبرز ميزات "أربكينا" قدرتها على الزراعة المكثفة، حيث يمكن زراعة 1000 شجرة في الهكتار الواحد، مقارنة بـ200 إلى 300 شجرة من الأصناف التقليدية، ما يزيد من الإنتاجية ويقلل الحاجة للمساحات الكبيرة، وتحتوي ثمارها على نسبة زيت مرتفعة قد تصل إلى 20%، ما يجعلها خياراً اقتصادياً مثالياً.

طاقة شمسية وريّ بالتنقيط

ويعتمد المشروع الذي يغطي 65 دونماً ويضم 6125 شجرة، على تقنيات حديثة للزراعة المستدامة، منها نظام ري بالتنقيط لتوفير المياه، إضافة إلى استخدام 200 لوح طاقة شمسية لتشغيل الآبار، بما يقلل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية ويخفض الانبعاثات الكربونية.

وأوضح إبراهيم محمد أن المشروع لا يقتصر على زراعة شجرة جديدة، بل يمثل تحولاً في نمط الزراعة المحلية نحو نموذج أكثر استدامة وكفاءة، داعياً إلى توفير الدعم الفني والتقني للمزارعين لتبني هذه الأساليب.

خطة لتوسيع التجربة

ترى هيئة الاقتصاد والزراعة في مقاطعة الجزيرة أن المشروع يشكل نواة لتحولات مستقبلية في القطاع الزراعي داخل سوريا، في ظل الضغوط البيئية وتحديات الأمن الغذائي. وتخطط المؤسسة لتوسيع التجربة إلى مناطق أخرى بعد تقييم نتائجها خلال السنوات الثلاث المقبلة.

تشهد سوريا منذ أكثر من عقد من الزمن تفاقمًا متسارعًا في الضغوط البيئية وتحديات الأمن الغذائي نتيجة لتداخل عدة عوامل، أبرزها الحرب، التغير المناخي، وانهيار البنية التحتية الزراعية.

وتعاني سوريا من مواسم مطرية غير منتظمة وانخفاض ملحوظ في الهطولات المطرية، خاصة في المناطق الشمالية والشرقية التي تُعد السلة الغذائية للبلاد. 

وتصاعدت موجات الجفاف خلال العقد الأخير، مترافقة بارتفاع درجات الحرارة وتقلص المساحات القابلة للزراعة.

نقص حاد في مياه الري

تسبّب استنزاف الأنهار الجوفية، وضعف إدارة الموارد المائية، بالإضافة إلى التحكّم التركي في منسوب مياه نهري دجلة والفرات، في نقص حاد في مياه الري والشرب، ما أثر مباشرة في الزراعة والثروة الحيوانية.

كما ألحقت العمليات العسكرية أضرارًا كبيرة بالأراضي الزراعية، والمرافق الحيوية مثل السدود، وشبكات الري، والمخازن، والطرق. كما أدى النزوح والاضطرابات الأمنية إلى خروج أعداد كبيرة من الفلاحين عن الإنتاج الزراعي.

ونتيجة للعقوبات، والانهيار الاقتصادي، وارتفاع أسعار الوقود والأسمدة والبذور، تراجعت قدرة المزارعين على الاستمرار في الزراعة، ما أدى إلى انخفاض الإنتاج الزراعي بشدة.

تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 12 مليون سوري يعانون انعدام الأمن الغذائي بدرجات متفاوتة، ما يجعل سوريا من بين الدول الأكثر هشاشة على صعيد الغذاء في العالم.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية